سقط الأبد!

ديسمبر 12, 2024 | بيانات صحفية 2024

Pressemitteilung 12/2024 – 1

تهنئ جمعية الأطباء والصيادلة السوريين في ألمانيا الشعب السوري في الداخل والخارج بسقوط نظام الأسد الديكتاتوري والمجرم في 8 كانون الأول/ديسمبر 2024، وننحني إجلالاً وإكباراً لأرواح الشهداء والمعتقلين والمفقودين والمشردين والمظلومين وعائلاتهم الذين جعلوا هذا المنعطف التاريخي في تاريخ سوريا والمنطقة والإنسانية جمعاء. ونتوجه بالشكر الخاص لزملائنا في القطاع الصحي.

نهاية “مملكة الخوف”

“مملكة الخوف” – هكذا وُصِفَ النظام المخلوع بجدارة، حيث اتسمت بالخوف من التنديد والتجمعات والعمل المنظم والاعتقالات والأعمال الانتقامية، التي لم تؤثر على المناضلين من أجل الحرية فحسب، بل على عائلاتهم أيضًا.

بدأت صرخات الحرية الأولى في شوارع سوريا، والتي كان لطلاب الكليات الطبية شرف المشاركة فيها، في الشارع أو في الحرم الجامعي من خلال وقفات سلمية قوبلت بالضرب والاعتقال، ولاحقاً في المشافي الميدانية. لكن الرد الوحشي على هذه المطالب السلمية بالدبابات والطائرات وأجهزة الأمن حوّل الاحتجاجات إلى حرب إبادية همجية شنها النظام على شعبه باستخدام كل وسائل البطش، ما جعل سوريا ساحة لحروب الآخرين على أرضها وأسيرة توازناتهم الدولية، مما سبب أكبر موجة نزوح وهجرة شهدتها البشرية منذ الحرب العالمية الثانية، بلغت ذروتها عام ٢٠١٥، واستقبلت ألمانيا خلالها ما يقارب المليون مواطنا سورياً بين مهاجرين ولاجئين، كان ضمنهم آلاف الأطباء والصيادلة والأكاديمين في المجال الصحي.

بناء جسور الثقة في المنفى

بعد سنوات من التواصل الإلكتروني لتبادل المعلومات والمساعدة والدعم في هذا البلد الجديد، انطلقت فكرة تشكيل جمعية مسجلة ومرخصة تنظم هذه الجهود وتبرز الطاقات الكامنة لدى هذه الفئة وتخلق مثالاً يناقض رواية النظام بعدم أهلية الشعب السوري للعيش سوياً وتحقيق الإنجازات إلا تحت هيمنة الاستبداد.

 

ومن خلال مبادرتها، عملت الجمعية على إعادة بناء جسور الثقة التي بددها النظام، بجهود مدروسة تهدف إلى رفع المستوى العلمي، واكتشاف المواهب التي حققت إنجازات مهنية وتقديمها كمثال إيجابي يقتدى به، ودعم القادمين الجدد عبر تقديم المعلومات والمنح، فضلاً عن التشبيك مع الهيئات النقابية الألمانية، والتواصل مع الإعلام بخطاب واثق يستفيد من مناخ الحرية في ألمانيا.

 

رغم حداثة عهد الجمعية (بدأت استقبال العضويات منتصف عام 2022)، إلا أنها نجحت في الحفاظ على خط مهني واحترافي عابر للمناطق والانتماءات، يضم طاقات من كل سوريا ويتوجه بخطابه ونشاطه لكل سوريا، لم ينزلق للتطبيع مع النظام المخابراتي رغم كل المحاولات المعلنة والخفية، ولا لفخ التعميم وتجريم كل من بقي في الداخل وعاش تحت نير هذا الظلم طوعاً أو كرهاً خلال سنوات الثورة وحرب الآخرين على الأرض السورية. توازن صعب ومؤلم ومكلف استطعنا الحفاظ عليه وتمكننا من خلاله إعادة شعور “الوطن” في الغربة، حسب تعبير أغلب من شارك في فعالياتنا ونشاطاتنا.

 

المستقبل يبدأ الآن

 

أما وقد سقطت مملكة الخوف الأسدية إلى غير رجعة، بعد أن تركت البلد مدمراً مفقراً وعرضة للتدخلات من كل حدب وصوب، وجب علينا إعادة ترتيب الأولويات والمشاركة في كل جهد ممكن لإعادة الحياة والإعمار والبناء, في وطن نأمل ونسعى ليجمع كل أبنائه ويبدأ في مرحلة التعافي من دكتاتورية وحشية تركت ندبات وجروحاً لا تلتئم بسهولة.

 

إن الحلم بسوريا حرة وديمقراطية أصبح أقرب، ولن يتحقق إلا بجهود جميع أبنائها، ندعو كل الزملاء والزميلات للانضمام لهذه الجهود والمشاركة سوياً في صناعة مستقبل وطن جديد بعيداً عن الاستبداد والطغيان يليق بالتضحيات التي قُدّمت.