منذ أكثر من عقد من الزمن، وتحديداً في نهاية عام 2009 حيث كان عمر الفيسبوك يبلغ وقتها خمس سنوات فقط، قام عدد من الأطباء الذين يعملون في ألمانيا بإنشاء مجموعة صغيرة على الفيسبوك لتبادل الخبرات والمعلومات فيما بينهم حول امتحانات التعديل الطبي وما يتعلق بها.
لم يكن هؤلاء يعرفون أن هذه المجموعة ستشكل بعد أكثر من عشر سنوات نواة لانطلاق جمعية تضم آلاف الصيادلة وأطباء الأسنان والأطباء البشريين السوريين الذين يعملون في ألمانيا!
في ذلك الوقت، لم تكن الغاية من المجموعة أكثر من طرح بعض الأسئلة طمعاً في الحصول على بعض الإجابات من هنا وهناك من خلال أصحاب الخبرة الذين خاضوا هذه التجارب سابقاً.
ومع الوقت، بدأت المجموعة شيئاً فشيئاً تجذب أعداداً متزايدة من الزملاء والطلاب من جميع المجالات الطبية، وبدأت مجالات النقاش تتوسع تدريجياً خارج مجال التعديل والامتحانات لتشمل الكثير من مناحي السفر والحياة والعمل في ألمانيا.
وفي منتصف العقد الماضي وصلت أعداد كبيرة من الأكاديميين السوريين إلى ألمانيا، والذين انضموا بدورهم إلى هذه المجموعة. كما ضمت المجموعة الكثير غيرهم ممن كان يطمح للسفر إلى ألمانيا ويبحث عن المعلومات النادرة.
وبذلك نمت المجموعة بشكل متسارع، وساهمت خلال مسيرتها التي تتجاوز عشر سنوات في تقديم خدمات لا تحصى من خلال تبادل المعلومات بشكل منفتح بين الجميع. كما استوعبت أعداداً متزايدة من الزملاء من جميع الدول العربية، حيث ارتفع عدد الأعضاء من 12,000 عضو في عام 2015 حتى تجاوز ستين ألف عضواً في الوقت الراهن. كما تم إنشاء مجموعات فرعية تركز على جوانب خاصة، والتي شملت مجموعة الفيزا ومجموعة القسم العلمي، بالإضافة إلى مجموعات تخصصية مثل مجموعة أطباء الأسنان ومجموعة الصيادلة ومجموعة أطباء العينية وغير ذلك من التخصصات.
خلال ذلك تبلورت الكثير من المشاكل والصعوبات والعقبات التي تواجه الأطباء والصيادلة السوريين على وجه التحديد في مسيرة التعديل والعمل، وبرزت الحاجة لإنشاء هيئة رسمية تجمعهم على أرض الواقع خارج المجال الافتراضي. وهكذا ظهرت فكرة تأسيس رابطة أو جمعية تلم شمل جميع الأكاديميين العاملين في المجال الطبي وتساعدهم في التغلب على المشاكل التي تواجههم وتدافع عن حقوقهم.
بدأ التمهيد لهذه الفكرة من خلال لقاءات متفرقة كانت تجرى من فترة لأخرى في أماكن مختلفة من ألمانيا. ولكن القفزة الحقيقية كانت في تنظيم اجتماعات متزامنة للأكاديميين السوريين في اليوم نفسه على امتداد الأراضي الألمانية، حيث تم في يوم مشمس من ربيع عام 2017 تنظيمُ اجتماعات في ثمان مدن مختلفة ضمّت المئات من السوريين، وأكدت جميعها على ضرورة إنشاء هيئة واحدة تضم جميع الأكاديميين السوريين.
وفي عام 2019 أصبحت الجالية الطبية السورية هي الأكبر في ألمانيا بين الجاليات الطبية الأجنبية بحسب الاحصائيات الرسمية، ما يؤكد على الحاجة لهيئة تنظم تعاون الزملاء مع بعضهم و تنسق عملهم لخدمة مصالحهم المشتركة.
كما قام الصيادلة السوريين في ألمانيا بتنظيم أنفسهم وإجراء عدة اجتماعات، وقاموا بتأسيس مجموعة متكاملة على الفيسبوك تطرح فيها جميع القضايا التي تهم الصيادلة على طريق التعديل والعمل.
وهكذا بدأت الإجراءات القانونية لتسجيل الجمعية من خلال عدد من الزملاء الذين تطوعوا للقيام بالإجراءات البيروقراطية وتحقيق هذا الحلم. وكانت هناك خلال ذلك الكثير من الخطوات المتعثرة والعوائق التي أخرت انطلاق المشروع. وفي بداية عام 2020 اجتمع عدد من الأعضاء المؤسسين مجدداً في فرانكفورت للتحضير لإطلاق الجمعية رسمياً، ولكن بسبب جائحة فيروس كورونا توجب إلغاء المشروع مجدداً.
ولاستغلال الوقت تمت الاستفادة من فترة الجائحة لإنهاء الإجراءات القانونية لتسجيل الجمعية والاعتراف بها بشكل رسمي. كما قامت الجمعية بإطلاق عدة مشاريع في الفضاء الافتراضي، وقدمت الكثير من المحاضرات العلمية المسجلة والمباشرة، ووضعت حجر الأساس لعدة مشاريع مستقبلية. وهكذا تم الحصول على الاعتراف الرسمي بالجمعية بتاريخ 2020.12.15. وتم تتويج ذلك بإنشاء الموقع الإلكتروني للجمعية بتاريخ 2021.09.01، ولكن بدون الإعلان عنه بشكل رسمي.
أما فيما يتعلق بآخر التطورات على صعيد إطلاق الجمعية، فقد اجتمع عدد من أعضاء مجلس الإدارة الحالي في مدينة فرانكفورت في شهر نوفمبر من عام 2021 لتنسيق حفل الافتتاح الرسمي للجمعية، والذي من المقرر أن يتم تنظيمه في منتصف عام 2022. وفي بداية عام 2022 تم إنشاء النسخة الألمانية من هذا الموقع لنتيح تواصلاً شفافاً وتعاوناً مثمراً مع العديد من الجهات الألمانية.